النظام الإيراني منذ الثورة الخمينية عام 1979 يصفه العالم بـ«البنك المركزي للإرهاب»، فهذا النظام المعتاد على تصدير أزماته والمأزوم داخلياً وخارجياً، يستخدم فزّاعة تخصيب اليورانيوم لابتزاز الغرب وأميركا، ولكسب نقاط تفاوضية، في الملف النووي والاتفاق المنحل، والسبب أنه لا يسعى إلى أي جهود دبلوماسية تمكنه من تحقيق نجاحات ولو محددة في المفاوضات مع الولايات المتحدة لتجنب الحرب، فالبيت الأبيض «لا يرغب في ملالي بأسنان نووية» وفق وصف الرئيس الأسبق جورج بوش.
الابتزاز الإيراني عبّر عنه المتحدث باسم الخارجية الأميركية بالقول: «ليس لدى إيران سبب معقول لتوسيع برنامجها لتخصيب اليورانيوم في منشأة (فردو) أو أي مكان آخر، عدا أنها محاولة واضحة للابتزاز النووي لن تؤدي إلا إلى تعميق عزلتها السياسية والاقتصادية».
فالنظام الإيراني يحاول ابتزاز العالم؛ حيث تشترط إيران 15 مليار دولار للتراجع عن تخفيض الالتزام بالاتفاق النووي، بعد أن لوحت بتخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 20 في المائة، فقد قرر النظام الإيراني المضي في ابتزاز العالم وتجاوز السقف المسموح له بتخصيب اليورانيوم، حيث قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية: «بدأنا في رفع القيود المفروضة على عمليات البحث والتطوير بموجب الاتفاق النووي».
ورغم أن البرنامج النووي الإيراني في الأصل برنامج بدائي ومع أنه أطلق في خمسينات القرن العشرين، بمساعدة أميركية، ويعدّ مفاعل بوشهر أول محطة للطاقة النووية في إيران، فإن البرنامج الإيراني ما زال بعيداً عن الاقتراب من تخصيب الحجم الحرج لإنتاج أي قنبلة أو ولادة مشروع نووي عسكري ناضج يمكن التعويل عليه، ولكن الخداع الإيراني وتهويل برنامجه، جعله يستخدمه ورقة جلب مكاسب، وفزاعة ابتزاز.
النظام الإيراني مأزوم داخلياً بمظاهرات من حين إلى آخر بسبب ثالوث «الغلاء والفقر والبطالة» يرفع خلالها المتظاهرون الساخطون شعار «لا غزة، لا لبنان، حياتي في إيران» وإن حاول النظام الإيراني شيطنتها بنعتهم بـ«بالعملاء والمخربين والمأجورين» الذين أطلق يد «الحرس الثوري» الإيراني مع جهاز «الباسيج» لقمعهم.
النظام الإيراني مثقل بالبطالة التي تجاوزت 20 في المائة، وتضخم مالي في ازدياد مطّرد، في بلد يعدّ منتجاً رئيسياً للنفط في العالم، بسبب عجزه أمام الأزمات المحلية الداخلية وشحه في الإنفاق عليها، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، بينما تعاظم حجم الإنفاق على التسلح والمشاريع المتهورة مثل تخصيب اليورانيوم، ودعم الجماعات الإرهابية التي تمثل ذراع إيران مثل ميليشيا «حزب الله» بفرعيها العراقي واللبناني، وميليشيات الحوثي في اليمن، والتي فاق دعمها قدرة الاقتصاد الإيراني على تحمل الإنفاق عليها.
النظام الإيراني هو في الأصل نظام استبداد سياسي قمعي لا علاقة له بأي طائفة وإن تلبس ببعضها، فالعقدة الفارسية هي العليا على جميع أنواع الـ«أنا» الإيرانية، حتى مع من ظن أنهم شركاء إيران في الطائفة الدينية، فهم لن يكونوا في مقام شركاء النظام الفارسي المستعلي على باقي الأمم وإن تبعت طائفته، ولهذا فالمرشد والولي الفقيه وحتى «آي الله العظمى» و«حجة الله»... جميعها مناصب في الاكليروس الإيراني والأولوية فيها للفارسي، فهذا النظام المتلبس بالثوب الطائفي الديني والمتجذر في العنجهية الفارسية، لا يقبل إلا نفسه ولا يتعايش مع الأمم الأخرى حتى وإن كانت أقليات احتل أرضها مثل الأحواز العربية، تلك الدولة العربية التي ابتلعها النظام الفارسي وقمع أهلها.
أزمة النظام الإيراني مع العالم أكبر وأكثر عمقاً من حالات الابتزاز السخيف الذي يمارسه نظام الملالي وحملات التضليل الإعلامي والخطاب المتخشب المحشوّ بشعارات «الشيطان الأكبر» وتصدير الثورة؛ الأمر الذي جعل من النظام الإيراني في حالة غيبوبة وتوهان سياسي رغم محاولته اغتنام الفرص والابتزاز السياسي في بعض المواقف، إلا إن منهج التصادم الذي دأب عليه، خصوصاً مع محيطة الإقليمي، جعله في حالة عزلة دائمة.